أحمد السيد: مبدع المبتدع قد يكون أحق بالهجر
يقول أحمد بن يوسف السيد في مقال له بعنوان: حول هجران أصحاب الذنوب والمعاصي والبدع بتاريخ 13، أيَّار، 2022:
“ينبغي التفريق بين المقامات والأحوال في الهجر باعتبار تحقيق المصلحة من عدمها، كما قال ابن تيمية في نص بديع يَظهر فيه فقهه لما يُنقل عن السلف رضوان الله عليهم، لا كما يفعل البعض من صغار المتحمسين للسلف باندفاع ظاهري متشنج، والله المستعان.” ثم يقول: “بعض من يهجرون المخالفين لهم في أبواب العقيدة -اليوم- هم أولى بالهجر لتخليهم عن مقامات نصرة الدين ومؤازرة المؤمنين في سبيل الله، بل ولمحاربتهم من يقوم هذه المقامات ونبزهم بالألقاب والتصنيفات.”
فيجعل رجوح المصلحة مع القاء التهم على فئة واسعة لا تندرج تحت مسمى أو فكر متناسق معول في تنزيل حكم الهجر على السني نفسه لا المبتدع.
يعول أحمد السيد على ابن تيمية في ترجيحه عدم هجر الناس لترجيح المصالح:
“وهذا الهجر يختلف باختلاف الهاجرين في قوتهم وضعفهم وقلتهم وكثرتهم، فإنّ المقصود به زجر المهجور وتأديبه ورجوع العامة عن مثل حاله؛ فإن كانت المصلحة في ذلك راجحة بحيث يفضي هجرُه إلى ضعف الشر وخُفْيَته كان مشروعا، وإن كان لا المهجورُ ولا غيرُه يرتدع بذلك بل يزيد الشر، والهاجرُ ضعيف بحيث يكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته لم يشرع الهجر، بل يكون التأليفُ لبعض الناس أنفع من الهجر، والهجر لبعض الناس أنفع من التأليف”. -مجموع الفتاوى، ابن تيمية، ج 28، ص 207
مع أن ابن تيمية لا يذكر أن من لم يرجح هذه المصلحة بنفسه يجب هجره، بل أن الثابت عن ابن تيمية مدح الطرف هذا والاستناد على اختياره في تبيين خطأ المبتدع، يقول:
“حتى ذكر شيخ الإسلام في كتابه قال سمعت أحمد بن أبي نصر يقول رأينا محمد بن الحسين السلمي يلعن الكلابية ومحمد بن الحسين السلمي هو الشيخ أبو عبد الرحمن أعرف مشايخ أبي القاسم القشيري بطريقة الصوفية وكلامهم ومعلوم أن القوم من أبعد الناس عن اللعن ونحوه لحظوظ أنفسهم ولولا أن أبا عبد الرحمن كان الذي عنده أن الكلابية مباينون لمذهب الصوفية المباينة العظيمة التي توجب مثل هذا لما لعنهم أبو عبد الرحمن هذا.
والكلابية هم مشايخ الأشعرية…” -الاستقامة، احمد عبدالحليم ابن تيمية، تحقيق محمد رشاد سالم، جامعة الامام محمد سعود، 1403ه، جزء 1، صفحة 104 – 105
فهنا يصحح الموقف ويستشهد بكونه الأساس مع اختياره لما هو أكثر فاعلية منه حيث ينسئ مقتضاه لا أصله.
فيظهر هناك تباين بين الموقفين فترجيح عدم الهجر عند أحمد السيد يقتضي إجراء المقتضى من الأصل على مرجح الهجر.
إذن موقفه ليس موقف ابن تيمية.
أحمد السيد
“بعض من يهجرون المخالفين لهم في أبواب العقيدة -اليوم- هم أولى بالهجر لتخليهم عن مقامات نصرة الدين ومؤازرة المؤمنين في سبيل الله، بل ولمحاربتهم من يقوم هذه المقامات ونبزهم بالألقاب والتصنيفات.”
-أحمد السيد، حول هجران أصحاب الذنوب والمعاصي والبدع، 13، أيَّار، 2022
عثمان بن سعيد الدارمي
فمن أجرى الناقضَ للبدعة والرادَّ للكُفْرِ مَجرى مَن شَرَعَها؛ فقد جَمَعَ بين ما فرق الله، وفرَّقَ بين ما جَمَعَ الله، وليس بأهل أن يُسمع منه ويُقبل.
-نقض الدارمي على المريسي، جزء 1، صفحة 207